فصل: مسألة (605): ترث أمُّ الأب مع الأب.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل الفرائض

مسألة ‏(‏598‏)‏‏:‏ ذوو الأرحام يرثون‏.‏

وقال مالك والشافعيُّ‏:‏ لا يرثون‏.‏

2614- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عيَّاش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي أمامة بن سهل أنَّ رجلا رمى رجلا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة إلى عمر، فكتب‏:‏ أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الخال وارث من لا وارث له‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ والنسائيُّ وابن ماجة وأبو حاتم البستيُّ من رواية سفيان، وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ O‏.‏

2615- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن بديل عن عليٍّ ابن أبي طلحة عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهوزنيِّ عن المقدام أبي كريمة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏الخال وارث من لا وارث له، يرثه ويعقل عنه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنسائيُّ وابن ماجة من رواية شعبة وغير روايته، وفي إسناده اختلاف‏.‏

وقد قال المفضَّل بن غسَّان الغلابيُّ‏:‏ كان يحيى بن معين يبطل حديث ‏"‏ الخال وارث من لا وارث له ‏"‏- يعني حديث المقدام-، وقال‏:‏ ليس فيه حديث قويٌّ O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2616- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا إسماعيل بن علي الخُطَبَيُّ ثنا موسى بن إسحاق الأنصاريُّ ثنا الربيع بن ثعلب ثنا مسعدة بن اليسع الباهليُّ عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ميراث العمَّة والخالة، فقال‏:‏ ‏"‏لا أدري حتى يأتيني جبريل‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏"‏أين السائل عن ميراث العمَّة والخالة‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فأتى الرجل، فقال‏:‏ ‏"‏سارَّني جبريل أنَّه لا شيء لهما‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يسنده غير مسعدة عن محمَّد بن عمرو، وهو ضعيفٌ، وضَّاعٌ للحديث، والصواب مرسل‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ مسعدة ليس بشيءٍ، خرقنا حديثه‏.‏

2617- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن زياد ثنا عبيد بن شريك ثنا أبو الجماهر ثنا الدَّرَاورديُّ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار‏:‏ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمَّة والخالة، فأنزل الله عزَّ وجلَّ أن لا ميراث لهما‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ هذا مرسلٌ‏.‏

ز‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ لم يخرجوه‏.‏

والثاني‏:‏ رواه أبو داود في ‏"‏المراسيل ‏"‏ عن القَعْنَبِيِّ، عن الدَّرَاورديِّ، ورواه أبو نعيم ضِرار بن صُرَد- وهو ضعيفٌ- عن الدَّرَاورديُّ موصولاً بذكر أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه O‏.‏

مسألة ‏(‏599‏)‏‏:‏ قاتل الخطأ لا يرث‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يرث من المال دون الدية‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 2618- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا قتيبة ثنا الليث عن إسحاق بن عبد الله عن الزهريِّ عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏القاتل لا يرث‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ إسحاق هو‏:‏ الفرويُّ، متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة أيضًا عن محمَّد بن رمح عن الليث‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديث لا يصحُّ، ولا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة تركه بعض أهل العلم‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ إسحاق تركوه، ونهى أحمد بن حنبل عن حديثه O‏.‏

2619- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا اسماعيل بن عيَّاش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس للقاتل من الميراث شيءٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن عليِّ بن حُجر عن إسماعيل بن عيَّاش عن ابن جريج ويحيى بن سعيد وذكر آخر، ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب به‏.‏

2620- وعن الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن عمر قال‏:‏ إن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس لقاتل شيءٌ‏"‏‏.‏

قال النسائيُّ‏:‏ وهو الصواب، وحديث إسماعيل خطأ‏.‏

وقد جوَّد ابن عبد البر حديث إسماعيل هذا، والصواب ما قاله النسائيُّ‏.‏

وإسماعيل‏:‏ ضعيف في روايته عن الحجازبين، والله أعلم O‏.‏

2621- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبوطالب الحافظ ثنا عبد الله بن يزيد الأعمى ثنا محمَّد بن سليمان بن أبي داود ثنا عبد الله ابن جعفر عن يحيى بن سعيدعن سعيد بن المسيَّب عن عمر قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏ليس لقاتل ميراث‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ إسماعيل بن عيَّاش قد تقدَّم الجرح فيه‏.‏

ومحمَّد بن سليمان‏:‏ قال فيه أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

ز‏:‏ هذا إسناد لا يثبت، وهو غير مخرَّج في شيء من ‏"‏ السنن‏"‏، والصواب ما تقدَّم من رواية مالك عن يحيى بن سعيد، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏

2622- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر المَطيريُّ ثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون ثنا عبيد الله بن موسى ثنا حسن ابن صالح عن محمَّد بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال‏:‏ أخبرني أبي عن جدِّي عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام يوم فتح مكة، فقال‏:‏ ‏"‏لا يتوارث أهل ملَّتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو ورث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدًا، فإن قتل أحدهما صاحبه عمدًا لم يرث من ديته وماله شيئًا، وإن قتل صاحبه خطًأ، ورث من ماله، ولم يرث من ديته‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ محمَّد بن سعيد هو‏:‏ الطائفيُّ، ثقةٌ‏.‏

قلت‏:‏ الحسن بن صالح مجروحٌ، قال ابن حِبَّان‏:‏ ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات‏.‏

ز‏:‏ الحسن بن صالح هو‏:‏ ابن حيٍّ، وهو من الثقات الحفَّاظ المخرَّج لهم في الصحيح، ولم يتكلَّم فيه ابن حِبَّان، وكلامه هذا الذي ذكره المؤلِّف في آخر مجهول، مختلف في نسبته، يروي عن ثابت عن أنس، ويقال له‏:‏ العجليُّ، وذكره المؤلِّف في ‏"‏الضعفاء‏"‏ وحكى كلام ابن حِبَّان فيه، ثم قال‏:‏ والحسن بن صالح عشرة، ليس فيهم مطعون فيه غيره‏.‏

وروى هذا الحديث ابن ماجة عن عليِّ بن محمَّد ومحمَّد بن يحيى، كلاهما عن عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن محمَّد بن سعيد- وقال محمَّد بن يحيى‏:‏ عن عمر بن سعيد- عن عمرو بن شعيب قال‏:‏ حدَّثني أبي عن جدِّي عبد الله بن عمرو به‏.‏

وقد وقع في بعض النسخ المتأخرة‏:‏ ‏(‏عمرو بن سعيد‏)‏، وكذلك هو في ‏"‏الأطراف ‏"‏ لأبي القاسم، وهو خطأٌ، قال شيخنا أبو الحجَّاج‏:‏ والصواب‏:‏ ‏(‏عمر بن سعيد‏)‏ كما وقع في عامة الأصول القديمة‏.‏

وقد فرَّق شيخنا في ‏"‏التهذيب ‏"‏ بين راوي هذا الحديث عن عمرو، وبين محمَّد بن سعيد الطائفيّ، وعند الدَّارَقُطْنِيِّ أنَّه الطالفيُّ‏.‏

وقد قال بعض الحفَّاظ في هذا الحديث‏:‏ إنَّه منكر‏.‏

وقال الإمام أبو بكر محمَّد بن داود الظاهريُّ في كتاب ‏"‏الفرائض ‏"‏ له‏:‏ وهذا الخبر عندنا ضعيف‏.‏

والله أعلم O‏.‏

2624- الحديث الثاني‏:‏ قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا عيسى بن يونس ثنا حجَّاج عن ابن أبي ذئب عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يرث قاتل عمد ولا خطأ من الدية‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أبو داود في ‏"‏المراسيل ‏"‏ عن عيسى بن يونس هذا، وهو الطرسوسيُّ، ولا نعلم أحدًا روى عنه غير أبي داود‏.‏

وتمام الحديث‏:‏ قال الزهريُّ‏:‏ يرث من غيرها‏.‏

وحجاج هو‏:‏ ابن محمَّد، أحد الأثبات، والله أعلم O‏.‏

2625- الحديث الثالث‏:‏ رواه عبد الله بن الحكم عن مسلمة بن عليٍّ عن هشام بن عروة عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- في الرجل يقتل وليَّه خطأ-‏:‏ ‏"‏إنَّه يرث من ماله، ولا يرث من ديته‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وهذا مرسلٌ، ثم هو يخالف الأصول، وهو الميراث من بعض التركة، وراويه مسلمة بن عليٍّ‏:‏ قال يحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال الرازيُّ‏:‏ لا يشتغل به‏.‏

وقال النسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

مسألة ‏(‏600‏)‏‏:‏ لا يرث اليهوديُّ النصرانيَّ، وكذلك كلُّ أهل ملتين‏.‏

وعنه‏:‏ يتوارثون، وهو قول أبي حنيفة والشافعيِّ‏.‏

لنا خمسة أحاديث‏:‏ 2626- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن يعقوب ابن عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يتوارث أهل ملَّتين شتَّى‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ يعقوب‏:‏ ضعيف الحديث‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم ينفرد به يعقوب عن عمرو، فقد رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد عن حبيب المعلِّم عن عمرو، وقال‏:‏ ‏(‏عن جدِّه عبد الله بن عمرو‏)‏‏.‏

وهذا إسنادٌ جيِّد إلى عمرو، قال أبو عمر بن عبد البر في ‏"‏الفرائض ‏"‏ له‏:‏ هذا إسنادٌ لا مطعن فيه عند أحد من أهل العلم بالحديث‏.‏

لكن تناقض أبو عمر لتضعيفه إياه في كتاب ‏"‏ التمهيد ‏"‏‏!‏ وقد رواه النسائيُّ من رواية عامر الأحول ويعقوب بن عطاء وغيرهما عن عمرو، وقال‏:‏ يعقوب بن عطاء وعامر الأحول ليسا بالقويين في الحديث‏.‏

وقد رواه ابن ماجة عن محمَّد بن رمح عن ابن لهيعة عن خالد ين يزيد عن المثنَّى بن الصبَّاح عن عمرو، والله أعلم O‏.‏

2627- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا حميد بن مسعدة ثنا حُصين بن نمير عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يتوارث أهل ملَّتين‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ لا يعرف إلا من حديث ابن أبي ليلى، وفيه ضعفٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث انفرد به الترمذيُّ، وقال‏:‏ لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث ابن أبي ليلى O‏.‏

2628- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن محمَّد ثنا عليُّ بن حرب ثنا الحسن بن محمَّد ثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا ووث أهل ملَّة أهل ملَّة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث غير مخرَّج في ‏"‏ السنن‏"‏‏.‏

وعمر بن راشد اليماميُّ‏:‏ ضعَّفه كثر الأمِّة، والترمذيُّ يحسِّن حديثه، فالله أعلم O‏.‏

2629- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا بحر بن نصر ثنا ابن وهب أنا يونس قال‏:‏ أخبرني ابن شهاب عن عليِّ بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنَّ النبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يرث الكافر المسلم، ولا يرث المسلم الكافر‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث ابن شهاب O‏.‏

2630- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا النيسابوريُّ ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد الله بن وهب قال‏:‏ أخبرني محمَّد بن عمرو عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يرث المسلم النصرانيَّ، إلا أن يكون عبده أو أمته‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ روي موقوفًا، وهو المحفوظ‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن يونس بن عبد الأعلى‏.‏

ومحمَّد بن عمرو هو‏:‏ اليافعيُّ المصريُّ، وهو من رجال مسلم، ولم يرو عنه غير ابن وهب، ووثقه ابن حِبَّان، وقال أبو سعيد بن يونس‏:‏ روى عنه ابن وهب وحده، وهو قريب السنِّ من ابن وهب، حدَّث بغرائب، وما علمت حدَّث عنه غير ابن وهب O‏.‏

مسألة ‏(‏601‏)‏‏:‏ إذا كان للميِّت أقارب كفَّار، فأسلموا قبل قسمة التركة، استحقُّوا الميراث‏.‏

وعنه‏:‏ لا يستحقُّون شيئًا، وبه قال أكثرهم‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 2631- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا حجَّاج بن أبي يعقوب ثنا موسى بن داود ثنا محمَّد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كل قَسْمٍ قُسم في الجاهليَّة فهو على ما قُسم، وكلُّ فَسْمٍ أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن العبَّاس بن جعفر بن أبي طالب- وهو أخو يحيى- عن موسى بن داود‏.‏

ورواه أبو يعلى الموصليُّ عن محمَّد بن منصور عن موسى، وإسناده جيِّدٌ O‏.‏

2632- الحديث الثاني‏:‏ قال ابن ماجة‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن رمح ثنا عبد الله بن لهيعة عن عقيل أنَّه سمع نافعًا يخبر عن عبد الله بن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهليَّة، وما كان من ميراث أدركه الإسلام، فهو على قسمة الأسلام‏"‏‏.‏

2633- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديليِّ قال‏:‏ كان معاذ باليمن، فارتفعوا إليه في يهوديٍّ مات وترك أخاه مسلمًا، فقال معاذ‏:‏ إنِّي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏إن الإسلام يزيد ولا ينقص‏"‏‏.‏

فورَّثه‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود من رواية شعبة وغيره عن عمرو، وهو ثقةٌ O‏.‏

2634- الحديث الرابع‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من أسلم على شيء فهو له‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ صحيحٌ، لكنَّّه مرسلٌ‏.‏

وفي الاستدلال بهذه الأحاديث على هذه المسألة نظرٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏602‏)‏‏:‏ الجدُّ يقاسم الإخوة للأب، ولا يحجبهم‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يسقطهم‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ التوريث بالأخوة منصوصٌ عليه في القرآن، ولا يثبت حجبهم إلا بنصٍّ أو إجماعٍ‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2635- بما رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا عفَّان ثنا وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عبَّاس أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ والجدُّ أولى رجل‏.‏

وربما رووا في حديث لهم‏:‏ ‏"‏فهو لأولى عصبة‏"‏‏.‏

وما نحفظ هذه اللفظة‏.‏

قالوا‏:‏ والجدُّ أولى عصبة، لأنَّ التعصيب منه نشأ‏.‏

قلنا‏:‏ لا نسلِّم أنَّه أولى عصبة، ولا اعتبار بقولهم‏:‏ ‏(‏التعصيب منه نشأ‏)‏، فإن تعصيب البنوة مقدَّم على تعصيب الأبوة، وإن كان ذاك أسبق، والجدُّ أسبق من الأب، والأب يسقطه‏.‏

ز‏:‏ الصحيح أنَّ الجدَّ يسقط جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات، كما يسقطهم الأب، وهذا قول كثر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال أبو محمَّد بن حزم‏:‏ هو الثابت عن أبي بكر وعمر وعثمان‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ وقال أبو بكر وابن عبَّاس وابن الزبير‏:‏ الجدُّ أبٌ، وقرأ ابن عبَّاس‏:‏ ‏(‏يَا بَنِي آدَمَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 26‏]‏، ‏(‏وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 38‏]‏، ولم يُذكر أنَّ أحدًا خالف أبا بكر في زمانه، وأصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوافرون، ويُذكر عن عمر وعليٍّ وابن مسعود وزيد أقاويل مختلفة‏.‏

والدليل على أنَّ الجدَّ أولى من الأخ‏:‏ أنَّ الجدَّ له قرابة إيلاد وبعضيَّة فأشبه الأب‏.‏

وإذا ازدحمت الفروض سقط الأخ دونه، ولا يسقطه أحد إلا الأب، والأخ والأخوات يسقطون بثلاثة‏.‏

ويجمع له بين الفرض والتعصيب كالأب، وهم ينفردون بواحد منهما‏.‏

وشمقط ولد الأم، وولد الأب يسقطون بهم بالإجماع إذا استغرقت الفروض المال، وكانوا عصبة، وكذلك ولد الأبوين في المشرَّكة عند الأكثرين‏.‏

ولأنه لا يقتل بقتل ابن ابنه، ولا يحدُّ بقذفه، ولا يقطع بسرقة ماله، وتجب عليه نفقته، ويمنع من دفع زكاته إليه كالأب سواء؛ فدلَّ ذلك على قربه‏.‏

ولأنَّ ابن الإبن- وإن نزل- يقوم مقام أبيه في الحجب، فكذلك أبو الأب يجب أن يقوم مقام ابنه‏:‏ ولذلك قال ابن عبَّاس‏:‏ ألا يتَّقي الله زيد‏؟‏‏!‏ يجعل ابن الابن ابنا، ولا يجعل أبا الأب أبا‏!‏ ولأنَّ أبا الأب- و ‏[‏إن‏]‏ علا- يسقط بني الإخوة، ولو كانت قرابة الأخ والجدِّ واحدة لوجب أن يكون أبو الجد مساويا لبني الأخ، لتساوي درجة من أدليا به‏.‏

واعلم أن لشيخنا العلامة أبو العبَّاس في هذه المسألة مصنفًا جليلاً، فمن أحب الوقوف عليه فليسارع إليه‏.‏

ثم إني بعد ‏[‏أن‏]‏ كتبت هذا الكلام بمدَّة جمعت الآثار الواردة في هذه المسألة، وذكرت ما جاء عن الصحابة والتابعن ومن بعدهم من الاختلاف فيها في عدَّة كراريس، ثم حكيت كلام شيخنا بحروفه في آخر ذلك، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏603‏)‏‏:‏ الأخوات مع البنات عصبة، خلافًا لابن عبَّاس‏.‏

2636- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل قال‏:‏ جاء رجل إلى أبي موسى وسلمان بن ربيعة، فسألهما عن‏:‏ ‏(‏ابنة، وابنة ابن، وأخت لأب وأمٍّ‏:‏‏)‏، فقالا‏:‏ للابنة النصف، وللأخت النصف؛ وائت ابن مسعود فإنَّه سيتابعنا‏.‏

فأتى ابن مسعود، فقال‏:‏ لقد ضللت إذا، وما أنا من المهتدين‏!‏ سأقضي فيها بما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

مسألة ‏(‏604‏)‏‏:‏ يرث من الجدَّات للأب‏:‏ ‏(‏أمُّ أمِّه، وأمُّ أبيه، وأمُّ جدِّه‏)‏‏.‏

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ‏:‏ ترث الجدَّات وإن كثرن‏.‏

وقال مالكٌ وداود‏:‏ لا ترث إلا جدَّتان‏:‏ ‏(‏أمُّ أمِّه وأمُّ أبيه‏)‏ وأمُّهاتهما وإن علون‏.‏

2637- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا موسى ابن عيسى بن المنذر ثنا أحمد بن خالد الوهبيُّ ثنا خارجة بن مصعب عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال‏:‏ أعطى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث جدَّات السدس، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأمِّ‏.‏

ز‏:‏ هذا مرسلٌ، وخارجة بن مصعب ضعَّفه ابن معين وغيره، وقال النسائيُّ وغيره‏:‏ متروكٌ‏.‏

وهذا الحديث مشهور من مراسيل إبراهيم‏:‏

2638- قال سعيد‏:‏ ثنا ابن عيينة عن منصور عن إبراهيم أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَّث ثلاث جدَّات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأمِّ‏.‏

2639- وقال أحمد‏:‏ ثنا معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال‏:‏ كانوا يورِّثون من الجدَّات ثلاثًا‏:‏ جدَّتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأمِّ‏.‏

2640- وقال أيضا‏:‏ ثنا وكيع ثنا الفضل عن الحسن أنَّ النبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَّث ثلاث جدَّات‏.‏

2641- ثنا وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنَّه قال‏:‏ ترث ثلاث جدَّات‏:‏ جدَّتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأمِّ‏.‏

2642- ثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن زيد بن ثابت‏:‏ كان يورِّث ثلاث جدَّات‏:‏ ثنتين من قبل أبيه، وواحدة من قبل أمه‏.‏

وقال محمَّد بن نصر‏:‏ جاءت الأخبار عن أصحاب النبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجماعة من التابعين أنَّهم ورَّثوا ثلاث جدَّات، مع الحديث المنقطع الذي روي عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه ورَّث ثلاث جدَّات، ولا نعلم عن أحد من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف ذلك، إلا ما روينا عن سعد بن أبي وقَّاص مما لا يثبت أهل المعرفة بالحديث إسناده O‏.‏

مسألة ‏(‏605‏)‏‏:‏ ترث أمُّ الأب مع الأب‏.‏

وعنه‏:‏ لا ترث، كقولهم‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَّث جدَّةً وابنها حيٌّ‏.‏

2643- قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسن بن عرفة ثنا يزيد بن هارون عن محمَّد بن سالم عن الشعبيِّ عن مسروق عن عبد الله قال في الجدَّة مع ابنها‏:‏ إنَّها أوَّل جدَّة أطعمها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ابنها، وابنها حيٌّ‏.‏

ز‏:‏ محمَّد بن سالم ضعَّفوه‏.‏

وقال الترمذيُّ في هذا الحديث‏:‏ لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ محمَّد بن سالم ينفرد به هكذا، وروي عن يونس عن ابن سيرين قال‏:‏ أنبئت، وعن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن عبد الله، وعن أشعث بن عبد الملك عن الحسن وابن سيرين عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وحديث يونس وأشعث منقطع، ومحمَّد بن سالم غير محتجٍّ به، وإنَّما الرواية الصحيحة فيه عن عمر وعبد الله وعمران بن حصين‏.‏

2644- وقال الإمام أحمد‏:‏ حدََثنا وكيع ثنا سفيان عن أشعث عن ابن سيرين أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطعم جدَّة مع ابنها السدس، فكانت أول جدَّة ورثت في الإسلام‏.‏

2645- ثنا هشيم عن أشعث عن الحسن أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَّث جدَّة وابنها حيٌّ‏.‏

2645/أ- ثنا وكيع ثنا الفضل عن الحسن أنَّ عمر ورَّث جدَّة مع ابنها‏.‏

2645/ب- ثنا يزيد بن هارون أنا أشعث بن سوار عن ابن سيرين أنَّ أوَّل جدَّة أطعمت ‏[‏في‏]‏ الإسلام‏:‏ أمُّ أب، وابنها حيٌّ‏.‏

2645/جـ- ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن إسماعيل عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله أنَّه كان يورِّث الجدَّة مع ابنها‏.‏

2645/د- ثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الشعبيِّ عن ابن مسعود أنَّ أوَّل جدَّة ورثت في الإسلام‏:‏ جدَّة مع ابنها‏.‏

وأنَّ عليًّا وزيدًا كانا لا يورثانها‏.‏

2645/هـ- ثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة سمع سعيد بن المسيَّب يقول‏:‏ ورَّث عمر جدَّة رجل من ثقيف مع ابنها، وهو حيٌّ‏.‏

وقال مرَّة‏:‏ أنَّ عمر قال‏:‏ ترث مع ابنها O‏.‏

مسألة ‏(‏606‏)‏‏:‏ عصبةُ ولد الملاعنة أمُّه، فإن عدمت فعصباتها من بعدها‏.‏

وعنه‏:‏ عصبته عصبة أمِّه‏.‏

وقال أبوحنيفة‏:‏ ترثه أمُّه بالفرض والردِّ‏.‏

وقال مالكٌ والشافعيُّ‏:‏ ترث أمُّه الثلثَ، والباقي لبيت المال، ولا تكون هي ولا عصباتها عصبة له‏.‏

2646- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد بن عبد ربِّه ثنا محمَّد بن حرب الخولانيُّ قال‏:‏ حدَّثني ‏[‏عمر‏]‏ بن رؤبة قال‏:‏ سمعت عبد الواحد النصريَّ يقول‏:‏ سمعت واثلة بن الأسقع يذكر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المرأة تحوز ثلاثة مواريث‏:‏ عتيقها، ولقيطها، والولد الذي لاعنت عليه‏"‏‏.‏

قال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ عبد الواحد النصريُّ لا يحتجُّ به‏.‏

ز‏:‏ رواه أصحاب ‏"‏ السنن الأربعة ‏"‏ من رواية محمَّد بن حرب‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديث حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه الا من حديث محمَّد ابن حرب‏.‏

ورواه النسائيُّ أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم وغيره عن بقيَّة عن أبي سلمة سليمان بن سليم الحمصيِّ عن عمر‏.‏

وعبد الواحد بن عبد الله النصريُّ‏:‏ روى له البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، ووثَّقه العجليُّ والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهما‏.‏

وعمر بن رؤبة التغلبيُّ الحمصيُّ‏:‏ محلُّه الصدق، قال دحيم‏:‏ لا أعلمه إلا ثقة، وقال البخاريُّ‏:‏ فيه نظرٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ صالح الحديث‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

واعلم أن هذا الحديث قد تكلَّم فيه الشافعيُّ وغيره، لكن له شواهد تقوِّيه، والقياس يشهد له ولشواهده بالصحَّة، فإنَّ الولاء مُفرَّعٌ على النسب وملحق به، والولاء في الأصل لموالي الأب، فإذا تعذَّر عوده إليهم صار لموالي الأمّ، وصاروا عصبة العتيق، فهكذا النسب هو في الأصل للأب، فإذا انقطع النسب من جهته- بلعان أو زنا- عاد إلى جهة الأمّ، وصار عصبةُ الأم عصبةَ الولد، كما كان مواليها مواليه عند انقطاع الولاء من جهة الأب، وعلى هذا فإذا اعترف المتلاعنين بالولد عاد التعصيب، إليه، وانقطع من جهة الأمِّ، وهذا قياسٌ جليٌّ‏.‏

وإذا تبيَّن أنَّ عصبتَه عصبةُ أمِّه، فبطريق الأولى تكون هي عصبتَه، لأنَّهم مُفرَّعون عليها وهي الأصل، وتعصيبهم إنَّما نشأ من جهتها؛ فكيف يكونون عصبةً وهي لا تكون عصبة، وهي أقرب منهم وأصلٌ لهم، وبها يدلون إلى هذا الولد‏؟‏‏!‏ وهذا ظاهرٌ بحمد الله‏.‏

وأيضًا فهي قد قامت مقام أبيه وأمِّه في انتسابه إليها، فصارت هي أصل نفسه وجهة الأبوة معدومة في حقِّه، فلم ينشأ نسبه إلا من جهتها، فوجب أن تحوز ميراثه هي وعصبتها من بعدها، والله أعلم O‏.‏

2647- وقال أبو داود‏:‏ حدَّثنا موسى بن إسماعيل ثنا حمَّاد ثنا داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد عن رجل من أهل الشام أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ولد الملاعنة عصبته عصبة أمِّه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث منقطعٌ‏.‏

قاله البيهقيُّ‏.‏

2648- وقال أبو داود‏:‏ ثنا محمود بن خالد وموسى بن عامر قالا‏:‏ ثنا الوليد ثنا ابن جابر عن مكحول قال‏:‏ جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميراث ابن الملاعنة لأمِّه، ولورثتها من بعدها‏.‏

2649- قال‏:‏ وحدَّثنا موسى بن عامر ثنا الوليد أخبرني عيسى أبو محمَّد عن العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله O‏.‏

مسألة ‏(‏607‏)‏‏:‏ لا يرث المولود ولا يورث، حتَّى يستهلَّ صارخا‏.‏

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ‏:‏ إذا تنفَّس وتحرَّك يورَّث‏.‏

لنا‏:‏ 2650- ما رواه ابن ماجة، قال‏:‏ حدَّثنا هشام بن عمَّار ثنا الربيع بن بدر ثنا أبو الزبير عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا استهلَّ الصبيُّ صُلِّي عليه وورِّث‏"‏‏.‏

ز‏:‏ الربيع بن بدر‏:‏ يعرف بـ ‏"‏ عُلية‏"‏، ضعَّفوه، وقال النسائيُّ وغيره‏:‏ متروكٌ‏.‏

2651- وقد روى الترمذيُّ من حديث إسماعيل بن مسلم المكِّيِّ عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا قال‏:‏ ‏"‏الطفل لا يصلَّى عليه، ولايورث، ولا يرث، حتى يستهلَّ‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ هذا حديث قد اضطرب الناس فيه‏:‏ فرواه بعضهم مرفوعًا، ورواه أشعث بن سوار وغير واحد عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا، وكأنَّ هذا أصحّ من الحديث المرفوع‏.‏

وقد رواه النسائيُّ من رواية المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا‏.‏

ورواه من رواية ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في المنفوس‏:‏ يرث إذا سمع صوته‏.‏

موقوفًا‏.‏

وقال‏:‏ هذا أولى بالصواب من حديث المغيرة بن مسلم، وعند المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير غير حديث منكر، وابن جريج أثبت من المغيرة‏.‏

وقد رواه الطبرانيُّ من رواية إسحاق الأزرق عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا‏.‏

وكذلك رواه البيهقيُّ من رواية بقية عن الأوزاعيِّ عن أبي الزبير، وقال‏:‏ ورواه أيضًا المغيرة بن صالح عن أبي الزبير مرفوعًا‏.‏

وقد رواه ابن إسحاق عن عطاء عن جابر موقوفًا O‏.‏

2652- وقال أبو داود‏:‏ حدَّثنا حسين بن معاذ ثنا عبد الأعلى ثنا محمَّد ابن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا استهلَّ المولود ورِّث‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا إسناد جيِّدٌ‏.‏

وحسن‏:‏ قال أبو داود‏:‏ كان ثبتا في عبد الأعلى‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثقات ‏"‏ O‏.‏

مسائل العتق

مسألة ‏(‏608‏)‏‏:‏ المعتق بعضه‏:‏ يرث ويورَّث بقدر ما فيه من الحريَّة‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ لا يرث ولا يورَّث‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا يرث، وهل يورَّث‏؟‏ على قولين‏.‏

ولا يتصور مع أبي حنيفة، فإنَّ عنده يستسعى وهو حرٌّ‏.‏

2653- قال النسائيُّ‏:‏ أخبرنا محمَّد بن عيسى النقاش ثنا يزيد بن هارون أنا حمَّاد عن قتادة عن خلاس عن عليٍّ وعن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المكاتب يعتق منه بقدر ما أدَّى، ويقام عليه الحدُّ بقدر ما عتق منه، ويرث بقدرما عتق منه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث روي موقوفًا ومرسلاً، وفي إسناده اختلافٌ، وقد رواه أبو داود والترمذيُّ من حديث ابن عبَّاس، وحسَّنه الترمذيُّ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏609‏)‏‏:‏ إذا أعتق عن الغير بغير إذنه، فالولاء للمعتق‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ للمعتق عنه‏.‏

لنا‏:‏ حديث عائشة‏:‏ ‏"‏إنَّما الولاء لمن أعتق‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده، وهو في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏610‏)‏‏:‏ إذا أعتق المسلم عبدًا ذميًّا ورثه بالولاء‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ لا يرثه، إلا أن يموت العبد مسلمًا‏.‏

لنا‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏الولاء لمن أعتق‏"‏‏.‏

ولنا حديث جابر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يرث السلم النصرانيَّ، إلا أن يكون عبده أو أمته‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

مسألة ‏(‏611‏)‏‏:‏ بنت المولى ترث بالولاء‏.‏

وعنه‏:‏ لا ترث، كقول كثرهم‏.‏

2654- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن زياد ثنا محمَّد بن غالب ثنا سليمان بن داود المنقريُّ ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن جابر ابن زيد عن ابن عبَّاس أن مولى لحمزة توفي، وترك ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته النصف، ولابنة حمزة النصف‏.‏

ز‏:‏ سليمان بن داود‏:‏ هو الشاذكونيُّ، وقد ضعَّفوه، وكذَّبه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ هو عندي أضعف من كلِّ ضعيفٍ‏.‏

وقد روي أنَّ ابنة حمزة هي المُعْتِقَةُ‏:‏ 2655- قال النسائيُّ‏:‏ أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار الكوفيُّ ثنا حسين بن عليٍّ الجعفيُّ عن زائدة عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن شدَّادٍ عن ابنة حمزة قالت‏:‏ مات مولى لي، وترك ابنته، فقسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف‏.‏

2656- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا عبد الأعلى ثنا حمَّاد بن سلمة عن عبد الله بن عون عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد أنَّ ابنة حمزة ابن عبد المطلب أعتقت مملوكًا لها، فمات، وترك ابنته ومولاته، فورثته ابنته النصف، وورثته ابنة حمزة النصف‏.‏

قال أبو عبد الرحمن‏:‏ وهذا أولى بالصواب من الذي قبله‏.‏

وقال البيهقيُّ في هذا الحديث‏:‏ هو منقطعٌ، وقد قيل‏:‏ عن الشعبيِّ عن عبد الله بن شدَّادٍ عن أبيه، وليس بمحفوظٍ‏.‏

وقد روى ابنُ ماجة هذا الحديث عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حسين الجُعفيّ‏.‏

ورواه أبو داود في ‏"‏المراسيل ‏"‏ عن محمَّد بن المثنَّى عن محمَّد بن جعفر عن شعبة عن الحكم بنحوه، وقال‏:‏ رواه عدَّةٌ عن عبد الله بن شدَّادٍ أنَّ بنت حمزة هي المُعْتِقَةُ O‏.‏

كتاب النكاح

‏[‏مسائل في النكاح‏]‏

مسألة ‏(‏612‏)‏‏:‏ الاشتغال بالنكاح في حقِّ غير التائق أفضل من التشاغل بنفل العبادة‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ نفل العبادة له أفضل‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 2657- الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يعلى بن عبيدٍ ثنا الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد قال‏:‏ قال عبد الله‏:‏ كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبابًا ليس لنا شيءٌ، فقال‏:‏ ‏"‏يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنَّ الصوم له وجاء‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث الأعمش عن عمارة، ومن حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود O‏.‏

2658- والثاني‏:‏ في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث أنس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏لكنِّي أصوم وأفطر، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي‏"‏‏.‏

2659- والثالث‏:‏ رواه أحمد من حديث أنس قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًّا شديدًا، ويقول‏:‏ ‏"‏تزوَّجوا الودود الولود، إنِّي مكاثر الأنبياء بكم يوم القيامة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أحمد عن عفَّان عن خلف بن خليفة عن حفص عن أنس، ولا أدري لم لم يذكر المؤلِّف إسناده، وإسناد الذي قبله، وإسناد ما بعده من الأحاديث‏؟‏‏!‏ O‏.‏

2660- والرابع‏:‏ رواه أحمد من حديث أبي ذرٍّ أنَّ النبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعكاف بن بشر‏:‏ ‏"‏هل لك من زوجة‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ولا جارية‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ولا جارية‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وأنت موسر بخير‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنا موسر‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أنت إذا من إخوان الشياطين، إنَّ سنَّتنا النكاح، شراركم عزَّابكم، وأراذل موتاكم عزَّابكم، أبا لشياطين تمرَّسون‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ ضعيفٌ، واختصره المؤلِّف، وقد رواه أحمد بطوله عن عبد الرزَّاق عن محمَّد بن راشد عن مكحولٍ عن أبي ذرٍّ‏.‏

وقيل‏:‏ إنه موضوع‏.‏

وقد اختلف في إسناده‏:‏ 2661- قال أبو يعلى الموصليُّ‏:‏ ثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ثنا بقيَّة بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحولٍ عن غضيف بن الحارث عن عطيَّة بن بُسْر المازنيِّ قال‏:‏ جاء عكاف بن وداعة الهلاليُّ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له‏:‏ ‏"‏يا عكاف، ألك زوجة‏؟‏‏.‏

‏"‏ الحديث بطوله O‏.‏

احتجُّوا بثلانة أحاديث‏:‏ 2662- أحدها في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏إنَّ الله عز وجل يقول‏:‏ الصوم لي‏"‏‏.‏

2663- والثاني‏:‏ في أفراد البخاريِّ من حديث أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يروي عن ربِّه عز وجل أنَّه قال‏:‏ ‏"‏ما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتَّى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ ومثل ذلك لا يُلفَى في النكاح‏.‏

2664- والثالث-‏:‏ رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سالم عن ثوبان قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اعلموا أنَّ خير أعمالكم الصلاة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة من رواية منصور عن سالم، وهو ابن أبي الجعد، ولم يسمع من ثوبان، بينهما معدان‏.‏

قاله أحمد بن حنبل‏.‏

وقد رواه أبو كبشة السلوليُّ وسلمان بن شُمير وعبد الرحمن بن ميسرة عن ثوبان، فهو إذا حديث صحيح O‏.‏

مسألة ‏(‏613‏)‏‏:‏ لا يجوز للمرأة أن تلي عقد النكاح‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز‏.‏

وقال محمَّد بن الحسن‏:‏ إن أذن لها وليُّها صحَّ‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ لا تلي، وهل لها أن تأذن لرجل أن يزوِّجها‏؟‏ على ثلاث روايات عنه‏:‏ إحداهن‏:‏ يجوز؛ والثانية‏:‏ لا يجوز؛ والثالثة‏:‏ إن كانت شريفة لم يجز، وإن كانت دنئة جاز‏.‏

وقال داود‏:‏ إن كانت ثيِّبًا جاز‏.‏

لنا ثمانية إحاديث‏:‏ 2665- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان ابن عيينة عن ابن جريج عن سليمان عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيُّما امرأة نُكحت بغير إذن وليِّها، فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان وليُّ من لا وليَّ له‏"‏‏.‏

فإن قيل‏:‏ قد قال ابن جريج‏:‏ لقيت الزهريَّ فأخبرته بهذا الحديث، فأنكره‏.‏

قلنا‏:‏ هذا الحديث صحيحٌ، ورجاله رجال الصحيح، وقد أخرجه أبو عبد الله الحاكم في ‏"‏ المستدرك على الصحيحين ‏"‏، وما ذكرتموه عن ابن جريج فإنَّه ليس في هذه الرواية التي ذكرناها، قال الترمذيُّ‏:‏ لم يذكره عن ابن جريج إلا ابن عليَّة، وسماعه من ابن جريج ليس بذاك‏.‏

2666- وقد رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا إسماعيل ثنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني سليمان بن موسى عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا نكحت المرأة بغير إذن وليِّها فنكاحها باطل، فنكحها باطل، فان أصابها فلها مهرها بما أصابها، فإن اشتجروا فالسلطان وليُّ من لا وليَّ له‏"‏‏.‏

قال ابن جريج‏:‏ فلقيت الزهريَّ فسألته عن هذا الحديث، فلم يعرفه، قال‏:‏ وكان سليمان بن موسى وكان‏.‏

فأثنى عليه‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ وإذا ثبت هذا عن الزهريِّ كان نسيانا منه، وذلك لا يدلُّ على الطعن في سليمان لأنَّه ثقةٌ، ويدلُّ على أنَّه نسي‏:‏ أنَّ هذا الحديث قد رواه عنه جعفر بن ربيعة وقرَّة بن عبد الرحمن وابن إسحاق، فدلَّ على ثبوته عنه‏.‏

والإنسان قد يحدِّث وينسى، قال أحمد بن حنبل‏:‏ كان ابن عيينة يحدِّث بأشياء ثم يقول‏:‏ ليس هذا من حديثي، ولا أعرفه‏.‏

وروي عن سهيل بن أبي صالح أنه ذُكر له حديثٌ فأنكره، فقال له ربيعة‏:‏ أنت حدَّثتني به عن أبيك‏!‏ فكان سهيل يقول‏:‏ حدَّثني ربيعة عنِّي‏!‏ وقد جمع الدَّارَقُطْنِيُّ جزءًا فيمن حدَّث ونسي‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجة أيضًا من حديث ابن جريجٍ عن سليمان، وحسَّنه الترمذيُّ‏.‏

وقول المؤلِّف‏:‏ ‏(‏ورجاله رجال الصحيح‏)‏ فيه نظرٌ، فإنَّ سليمان بن موسى ليس هو من رجال الصحيح، بل هو إمام صدوق، قال النسائيُّ‏:‏ هو أحد الفقهاء، وليس بالقويِّ في الحديث‏.‏

وقد تكلَّم المؤلِّف فيه في بعض المواضع، وإنَّما غرَّه في هذا القول إخراج الحاكم له، والحاكم قد عرف تساهله، مع أن هذا الحديث من أجود ما رواه الحاكم في ‏"‏ مستدركه‏"‏‏.‏

وما حكاه المؤلِّف عن الترمذيِّ ‏(‏من أنَّ سماع ابن عليَّة من ابن جريجٍ ليس بذاك‏)‏، ليس هو من قول الترمذيِّ، وإنَّما الترمذيُّ حكاه عن يحيى بن معين، وقد تكلَّم في حكاية ابن عليَّة عن ابن جريج هذه‏:‏ أحمد وابن معين وغيرهما‏.‏

وقد صحَّح حديث سليمان هذا‏:‏ ابنُ معين في رواية الدوريِّ عنه، والبيهقيُّ، وغير واحد‏.‏

وضعَّفه‏:‏ أحمدُ في رواية حربٍ عنه‏.‏

وحديث جعفر بن ربيعة عن الزهريِّ‏:‏ رواه أبو داود عن القعنبيِّ عن ابن لهيعة عنه، وقال‏:‏ جعفر لم يسمع من الزهريِّ، كتب إليه O‏.‏

وقد روي هذا الحديث عن عائشة بلفظٍ آخر‏:‏ 2667- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا مُعَمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ ثنا حجَّاج عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ، والسلطان وليٌّ من لا وليَّ له‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ الحجَّاج هو‏:‏ ابن أرطاة، وهو ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن أبي كريب عن ابن المبارك عن حجَّاج O‏.‏

وقد روي هذا الحديث عن عائشة بلفظٍ آخر‏:‏ 2668- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو ذرٍّ أحمد بن محمَّد ثنا أحمد بن الحسين بن عبَّاد النسائيُّ ثنا محمَّد بن يزيد بن سنان ثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليِّ وشاهدي عدلٍ‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ في هذا الإسناد يزيد بن سنان، قال أحمد وعليٌّ‏:‏ هو ضعيفٌ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو وأبوه ضعيفان‏.‏

ز‏:‏ قول الدَّارَقُطْنِيِّ إنَّما هو في محمَّد وأبيه، وهما راويا الحديث، لا في يزيد وأبيه، وكذلك ذكره المؤلِّف في ‏"‏ الضعفاء‏"‏‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ رواه عن هشام‏:‏ سعيد بن خالد بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان ونوح بن دراج وعبد الله بن حكيم، وقالوا فيه‏:‏ ‏"‏وشاهدي عدل ‏"‏ O‏.‏

وقد روي عن عائشة بلفظ آخر‏:‏ 2669- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا أبو واثلة عبد الرحمن ابن الحسين ثنا الزبير بن بكَّار ثنا خالد بن الوضَّاح عن أبي الخصيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا بدَّ في النكاح من أربعة‏:‏ الوليِّ، والزوج، والشاهدين‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ أبو الخصيب اسمُه‏:‏ نافع بن ميسرة، وهو مجهولٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث منكرٌ جدًّا، والأشبه أن يكون موضوعًا، وقد روي نحوه من وجهين ضعيفين عن أبي هريرة مرفوعًا‏.‏

ومن وجه آخر ضعيف عن ابن عبَّاس مرفوعًا‏.‏

وروي من وجه آخر صحيح عن قتادة عن ابن عبَّاس موقوفًا، إلا أنَّه منقطعٌ، لأنَّ قتادة لم يدرك ابن عبَّاس، والله أعلم O‏.‏

2670- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع وعبد الرحمن عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ‏"‏‏.‏

فإن قيل‏:‏ قد رواه أسباط وزيد بن الحباب فقالا‏:‏ ‏(‏عن أبي بردة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏)‏ ولم يذكرا أبا موسى، وكذلك رواه شعبة وسفيان‏.‏

فالجواب من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنَّ الترمذيَّ قال‏:‏ قد رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع فذكروا أبا موسى‏.‏

قال‏:‏ وقول هؤلاء أصحُّ‏.‏

2671- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عبد الرحمن بن الحسن الهمدانيُّ ثنا يحيى بن عبد الله بن ماهان ثنا محمَّد بن مخلد السعديُّ ثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فقلت لعبد الرحمن‏:‏ إنَّ شعبة وسفيان يوقفانه على أبي بردة‏.‏

فقال‏:‏ إسرائيل عن أبي إسحاق أحبُّ إليَّ من شعبة وسفيان‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا دعلج ثنا أحمد بن محمَّد بن مهديٍّ ثنا صالح جزرة ثنا عليُّ بن المدينيِّ قال‏:‏ سمعت عبد الرحمن بن مهديٍّ يقول‏:‏ كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كلما يحفظ ‏"‏ سورة الحمد‏"‏‏.‏

قال صالح‏:‏ إسرائيل أتقن في أبي إسحاق خاصَّةً‏.‏

ثم قد روينا عن شعبة أنَّه رفعه‏:‏ 2672- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن سليمان المالكيُّ ثنا محمَّد بن موسى الحرشيُّ ثنا يزيد بن زريع عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليِّ‏"‏‏.‏

والجواب الثاني‏:‏ أنَّ الراوي قد يسند ويرسل، فيجوز أن يكون أبو بردة قد قال مرَّة‏:‏ قال رسول الله كذا، وهو عنده عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ وقد روى حديث أبي إسحاق هذا عن أبي بردة عن أبي موسى‏:‏ أبو داود والترمذيُّ وابن ماجة، وأطال الترمذيُّ الكلام عليه، وقال‏:‏ وروى أسباط بن محمَّد وزيد بن الحباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى‏.‏

وهذا يخالف ما ذكره المؤلِّف عنهما‏.‏

وقال ابن المدينيِّ‏:‏ حديث إسرائيل صحيحٌ في لا نكاح إلا بوليٍّ‏.‏

وسئل عنه البخاريُّ، فقال‏:‏ الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل بن يونس‏:‏ ثقةٌ، وإن كان شعبة والثوريُّ أرسلاه، فإنَّ ذلك لا يضرُّ الحديث‏.‏

2673- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب ‏"‏ المستدرك ‏"‏ ثنا أبو عليٍّ الحافظ أنا أبو جعفر محمَّد بن أحمد الضبعيُّ ببغداد ثنا محمَّد بن سهل بن عسكر ثنا قبيصة بن عقبة ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ‏"‏‏.‏

قال ابن عسكر‏:‏ فقال لي قبيصة بن عقبة‏:‏ جاءني عليُّ بن المدينيِّ فسألني عن هذا الحديث، فحدَّثته به، فقال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ قد استرحنا من خلاف أبي إسحاق‏.‏

2674- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكِّي أنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ثنا عبد الملك بن محمَّد الرقاشيُّ ثنا سليمان بن داود حدَّثني النعمان بن عبد السلام عن شعبة وسفيان الثوريِّ عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعريِّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ‏"‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ تفرَّد به سليمان بن داود الشاذكونيُّ عن النعمان بن عبد السلام، وقد روي عن مؤمل بن إسماعيل وبشر بن منصور عن الثوريِّ موصولاً، وعن يزيد بن زريع عن شعبة موصولاً، والمحفوظ عنهما غير موصول، والاعتماد على ما مضى من رواية إسرائيل ومن تابعه في وصل الحديث، والله أعلم O‏.‏

2675- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا مُعَمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ عن الحجَّاج عن عكرمة عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليِّ، والسلطان وليُّ من لا وليَّ له‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ الحجَّاج هو‏:‏ ابن أرطاة، وفيه ضعفٌ‏.‏

ز‏:‏ روى ابن ماجة قوله‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ ‏"‏ عن أبي كريب عن ابن المبارك عن حجَّاجٍ‏.‏

وفي سماع حجَّاجٍ من عكرمة نظرٌ، قال حنبلٌ‏:‏ ذكرت هذا لأبي عبد الله، فقال‏:‏ لم يسمع حجَّاج من عكرمة شيئًا، إنَّما يحدِث عن داود بن الحصين عن عكرمة‏.‏

2676- وقال الطبرانيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن إسحاق التستريُّ ثنا سهل ابن عثمان ثنا ابن المبارك عن خالد الحذَّاء عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ‏"‏‏.‏

وقد رواه البيهقيُّ من رواية سهل عن ابن المبارك عن حجَّاج، فالله أعلم O‏.‏

وقد روى هذا الحديث عديُّ بن الفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أنَّ عديًّا وعبد الله لا يحتجُّ بهما‏.‏

ز‏:‏ عديٌّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وابن خثيمٍ‏:‏ روى له مسلمٌ‏.‏

والصواب ما رواه الثوريُّ وغيره عن ابن خُثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس موقوفًا O‏.‏

2677- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال العقيليُّ‏:‏ حدَّثنا الفضل بن عبد الله ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا الربيع بن بدر عن النهَّاس بن قَهْم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏البغايا اللاتي تُنكحن أنفسهنَّ، لا يجوز النكاح إلا بوليٍّ، وشاهدين، ومهرٌ قلَّ أو كثر‏"‏‏.‏

قال يحيى‏:‏ النهَّاس ضعيفٌ‏.‏

وقال ابن أبي عديٍّ‏:‏ لا يساوي النهَّاس شيئًا‏.‏

ز‏:‏ الربيع بن بدر هو‏:‏ عُلَيْلَة، وقد ضعَّفوه‏.‏

وابن أبي عديٍّ الذي تكلَّم في النهَّاس هو‏:‏ محمَّد O‏.‏

2678- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا عمر بن ‏[‏شَبَّة‏]‏ ثنا بكر بن بكار ثنا عبد الله بن مُحَرَّر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليّ وشاهدي عدلٍ‏"‏‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ بكر بن بكار ليس بمشيءٍ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ عبد الله بن مُحَرَّر متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن عبد الله بن مُحَرَّر، ولم يذكر ابن مسعود‏.‏

ورواه ابن وهب عن الضحَّاك بن عثمان عن عبد الجبَّار عن الحسن مرسلاً، وهو الصواب‏.‏

قال الشافعيُّ‏:‏ وهذا وإن كان منقطعًا دون النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنَّ أكثر أهل العلم يقول به O‏.‏

2679- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا عبد الله بن أبي ‏[‏سعد‏]‏ ثنا إسحاق بن هشام التمار ثنا ثابت بن زهير ثنا نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليِّ، وشاهدي عدلٍ‏"‏‏.‏

قال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ ثابت بن زهير منكر الحديث، لا يشتغل به‏.‏

وقال ابن عديٍّ‏:‏ كلُّ أحاديثه يخالف فيها الثقات إسنادًا ومتنًا‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ خرج عن جملة من يحتجُّ به‏.‏

2680- الحديث السادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن عبد الكريم الفزاريُّ ثنا جميل بن الحسن الجهضميُّ ثنا محمَّد بن مروان العقيليُّ ثنا هشام بن حسَّان عن محمَّد عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تُزوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزوِّج الرأةُ نفسَها، فإنَّ الزانيةَ هي التي تُزوِّج نفسَها‏"‏‏.‏

2681- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا دَعلج ثنا موسى بن هارون ثنا مسلم ابن أبي مسلم الجرميُّ ثنا مخلد بن الحسن ثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تُنكح المرأةُ المرأةَ، ولا تُنكح المرأةُ نفسَها، إنَّ التي تُنكح نفسَها هي البغيُّ‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ في الطريق الأوَّل‏:‏ جميل، وفي الثاني‏:‏ مسلم، وكلاهما لا يعرف‏.‏

ز‏:‏ جميل بن الحسن الأزديُّ، العتكيُّ، الأهوازيُّ‏:‏ مشهورٌ، روى عنه ابن خزيمة وابن أبي داود وخلق، وروى عنه ابن ماجة وابن خزيمة هذا الحديث، ووثَّقه ابن حِبَّان وتكلَّم فيه ابن عبدان، وذكره المؤلِّف في كتاب ‏"‏الجرح والتعديل‏"‏، وذكر كلام عبدان وابن ‏[‏عَدِيٍّ‏]‏ فيه‏.‏

ومسلم الجرميُّ هو‏:‏ ابن عبد الرحمن، وقد روى عنه الحسن بن سفيان أيضًا هذا الحديث، وقال‏:‏ سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان، فقال‏:‏ ثقة‏.‏

فذكرت له هذا الحديث، قال‏:‏ نعم، قذ كان شيخ عندنا يرفعه عن مخلد‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ مسلم بن عبد الرحمن الجرميُّ من الغزاة، روى عن مخلد بن حسين، روى عنه المنذر بن شاذان الرازيُّ الصادق، قال‏:‏ إنَّه قتل من الروم مائة ألف‏!‏ وقد روى هذا الحديث بحر بن نصر عن بشر بن بكر عن الأوزاعيِّ عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفًا، وهو أشبه، وكذلك قاله ابن عيينة عن هشام بن حسَّان عن ابن سيرين، والله أعلم O‏.‏

2682- الحديث السابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو عليٍّ محمَّد بن سليمان المالكيُّ ثنا أبو موسى ثنا عبد الوهاب الثقفيُّ عن يونس عن الحسن أنَّ معقل بن يسارٍ زوَّج أختًا له فطلَّقها الرجل، ثم أنشأ يخطبُها، فقال‏:‏ زوَّجتك كريمتي فطلَّقتها، ثم أنشأت تخطبُها‏!‏‏!‏ فأبى أن يزوِّجه، وهويته المرأة، فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏(‏وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 232‏]‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ‏.‏

2683- الحديث الثامن‏:‏ أخبرنا أبو منصور القزَّاز أنا أبو بكر بن ثابتٍ أنا محمَّد بن عمر بن إسماعيل الداوديُّ ثنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا محمَّد بن الحسين بن محمَّد بن حاتم ثنا محمَّد بن عبد الرحمن الطبريُّ ثنا الحسين بن إسماعيل ابن خالد الطبريُّ ثنا يوسف بن يعقوب أبو المثنَّى عن أبي عصمة عن مقاتل ابن حيَّان عن قبيصة بن ذؤيب عن معاذ بن جبل عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيُّما امرأة زوَّجت نفسها من غير وليٍّ فهي زانية‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ أبو عصمة اسمه‏:‏ نوح بن أبي مريم، قال يحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ مظلمٌ إلى أبي عصمة، فيه غير واحد من المجهولين‏.‏

ومحمَّد بن الحسين شيخ الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ يعرف أبوه بـ ‏"‏ عبيد العجليِّ‏"‏، وكان محمَّدٌ سيءَ الحال فىِ الحديث‏.‏

ومقاتل‏:‏ لم يلق قبيصة‏.‏

ونوح‏:‏ متَّهم‏.‏

والأشبه أنَّ الحديث موضوعٌ، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ 2684- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الأيِّم أحقُّ بنفسها من وليِّها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

ووجه حجَّته‏:‏ أنَّه شارك بينها وبين الوليِّ، ثم قدمها بقوله‏:‏ ‏"‏أحقُّ‏"‏، وقد صحَّ العقد منه، فوجب أن يصحَّ منها‏.‏

2685- الحديث الثاني‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال‏:‏ جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ إنَّ أبي أنكحني رجلاً وأنا كارهة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبيها‏:‏ ‏"‏لا نكاح لكَ، اذهبي انكحي من شئت‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ فإنَّه أثبت لها حقًّا، وجعلها أحقّ، لأنَّه ليس إلى الوليِّ إلا مباشرة العقد، ولا يجوز له أن يزوِّجها إلا بإذنها‏.‏

وأمَّا الحديث الثاني‏:‏ فهو حديث خنساء بنت خِذَامٍ، وأنَّ أباها أنكحها وهي كارهةً، فردَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك‏.‏

هذا قدر ما أخرج في الصحيح‏.‏

وأمَّا قوله‏:‏ ‏"‏انكحي من شئت ‏"‏ فرواه أبو سلمة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، والمرسل ليس بحجَّةٍ، ثم لو قلنا إنَّه حجَّةٌ، فالمراد به‏:‏ تخيَّري الأكفاء‏.‏

مسألة ‏(‏614‏)‏‏:‏ ولاية الفاسق لا تصحُّ‏.‏

وعنه‏:‏ تصح، كقول أبي حنيفة ومالك‏.‏

لنا حديثان ضعيفان‏:‏ 2686- الحديث الأوَّل‏:‏ أنبأنا محمَّد بن ناصر أنبأ أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلانيّذُ عن أبي بكر أحمد بن محمَّد البرقانيِّ قال‏:‏ قرأت على أبي العبَّاس محمَّد بن أحمد بن حمدان قال‏:‏ حدَّثني محمَّد بن عبد الله قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا قطن بن نُسير ثنا عمرو بن النعمان بن عبد الرحمن ثنا محمَّد بن عبيد الله العرزميُّ عن أبي الزبير عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليّ مرشد، وشاهدي عدل‏"‏‏.‏

قال أحمد‏:‏ ترك الناس حديث العرزميِّ‏.‏

وقال الفلاس والنسائيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ لا يكتب حديثه، وقد حدَّث عنه شعبة وسفيان‏.‏

وقطن بن نُسير‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه‏.‏

وقطن‏:‏ روى عنه مسلمٌ‏.‏

وعمرو بن النعمان هو‏:‏ الباهليُّ، بصريٌّ، وثَّقه ابن حِبَّان، وقال ابن عديٍّ‏:‏ ليس بالقويِّ في الحديث، روى عن جماعة من الضعفاء، أحاديثه منكرة، فلا أدري البلاء منه أو من الضعيف الذي روى هو عنه O‏.‏

2687- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن أحمد بن الهيثم ومحمَّد بن جعفر المَطيريُّ قالا‏:‏ ثنا عيسى بن أبي حرب ثنا يحيى بن أبي ‏[‏بكير‏]‏ ثنا عديُّ بن الفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نكاح إلا بوليٍّ وشاهدي عدلٍ، وأيُّما امرأة أنكحها وليُّ مسخوط عليه، فنكاحها باطلٌ‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ في هذا الإسناد عديٌّ، قال يحيى‏:‏ ليس بثقة، لا يكتب حديثه‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وفيه‏:‏ عبد الله بن عثمان، قال يحيى‏:‏ ليست أحاديثه بالقويَّة‏.‏

ز‏:‏ وقد روى هذا الحديث أيضًا عن عديِّ بن الفضل‏:‏ سعيد بن سليمان، والصواب ما رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عيَّاش عن جعفر ابن الحارث عن ابن خثيم موقوفًا على ابن عبَّاس‏.‏

وابن خثيم‏:‏ روى له مسلمٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏615‏)‏‏:‏ يملك الأب إجبار البكر البالغ على النكاح‏.‏

وعنه‏:‏ لا يملك، كقول أبي حنيفة‏.‏

لنا حديثان‏:‏

2688- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل سمع نافع بن جبير يذكر عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الثيِّب أحقُّ بنفسها من وليِّها، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها‏"‏‏.‏

فوجه الدليل‏:‏ أنَّه قسم النساء قسمين‏:‏ ثيبًا وأبكارا، ثم خصَّ الثيِّب بأنَّها أحقُّ من وليِّها، مع أنَّها هي والبكر اجتمعا في ذهنه، فلو أنَّها كالثيِّب في ترجّح حقِّها على حقِّ الوليِّ لم يكن لإفراد الثيِّب بهذا معنى، وصار هذا كقوله‏:‏ ‏"‏في سأمِّة الغنم الزكاة‏"‏‏.‏

فإن قالوا‏:‏ لفظ الصحيح في هذا الحديث‏:‏ ‏"‏الأيِّم ‏"‏، وهي‏:‏ التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا‏.‏

وجواب هذا من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن لفظ الثيِّب صحيحٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ روى هذا الحديث جماعة عن مالك عن عبد الله بن الفضل بهذا الإسناد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏الثيِّب أحقُّ بنفسها‏"‏، منهم شعبة وابن مهديٍّ وعبد الله بن داود الخُريبيُّ وسفيان بن عيينة ويحيى بن أيُّوب المصريُّ وغيرهم‏.‏

وكلُّهم قال‏:‏ ‏"‏الثيِّب‏"‏‏.‏

والثاني‏:‏ أنَّ المراد ههنا بالأيِّم‏:‏ الثيِّب، لأنَّه لمَّا ذكر البكر علم أنَّه أراد الثيِّب، إذ ليس ثمَّ قسمٌ ثالثٌ‏.‏

ز‏:‏ لفظ ‏"‏ الثيِّب ‏"‏ في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ أيضًا، رواه مسلم عن قتيبة وابن أبي عمر كلاهما عن سفيان عن زياد به، ولا دلالة في هذا الحديث على أنَّ البكر ليست أحقَّ بنفسها إلا من جهة المفهوم، والحنفيون لا يقولون به‏.‏

ثم على تقدير القول به- كما هو الصحيح- لا حجَّة فيه على إجبار كلِّ بكرٍ، لأنَّ المفهوم لا عموم له، فيمكن حمله على من لها دون التسع، أو من هي دون البلوغ‏.‏

ثم إنَّ هذا المفهوم قد خالفه منطوقه، وهو قوله‏:‏ ‏"‏والبكر تستاذن‏"‏، والاستئذان منافٍ للإجبار، وإنَّما وقع التفريق في الحديث بين الثيِّب والبكر لأنَّ الثيِّب تخطب إلى نفسها، فتأمر الوليَّ بتزويجها، والبكر تخطب إلى وليِّها فيستأذنها، ولهذا فرَّق بينهما في كون الثيِّب إذنها الكلام، والبكر إذنها الصمات، لأنَّ البكر لمَّا كانت تستحيى أن تتكلَّم في أمر نكاحها لم تخطب إلى نفسها، بل إلى وليِّها، بخلاف الثيِّب، فإنَّها تخطب إلى نفسها، لزوال حياء البكر عنها، فتتكلم بالنكاح، وتأمر وليَّها أن يزوِّجها، فلم يقع التفريق في الحديث بين الثيِّب والبكر لأجل الإجبار وعدمه، والله أعلم O‏.‏

2689- الحديث الثاني‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا هشيم ثنا ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن الحسن قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تستأمر الأبكار في أنفسهن، فان أبين أجبرن‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ هذا مرسلٌ، وفي إسناده عبد الكريم البصريُّ، وقد أجمعوا على الطعن فيه‏.‏

احتجُّوا بسبعة أحاديث‏:‏ 2690- الحديث الأوَّل‏:‏ حديثنا، وهو قوله ‏"‏ البكر تستأمر‏"‏‏.‏

2691- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حسين ثنا جرير عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ جاريةً بكرًا أتت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت أنَّ أباها زوَّجها وهي كارهة، فخيَّرها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود وابن ماجة من رواية حسين، وهو‏:‏ ابن محمَّد المرُّوذِيُّ، أحد الثقات المخرَّج لهم في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم على أيُّوب السَّختيانيِّ، والمحفوظ عن أيُّوب عن عكرمة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا‏.‏

وقد رواه أبو داود عن محمَّد بن عبيد عن حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن عكرمة مرسلا، وقال‏:‏ وكذلك يروى مرسل معروفٌ‏.‏

وقد رواه ابن ماجة من رواية زيد بن حِبَّان عن أيُّوب موصولا، وزيد مختلف في توثيقة‏.‏

وقد سأل ابن أبي حاتم ‏[‏أباه‏]‏ عن حديث حسين، فقال‏:‏ هذا خطأ، إنما هو كما روى الثقات عن أيُّوب عن عكرمة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مرسلٌ، ابن عليَّة وحمَّاد بن زيد، وهو الصحيح‏.‏

قلت‏:‏ الوهم ممن هو‏؟‏ قال‏:‏ من حسين، ينبغي أن يكون، فإنَّه لم يروه عن جرير غيره‏.‏

قال أبي‏:‏ رأيت حسين المرُّوذِيَّ ولم أسمع منه‏.‏

وقال الخطيب‏:‏ قد رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضًا كما رواه حسين، فبرئت عهدته، وزالت تبعته‏.‏

ثم ذكره بإسناده، وقال‏:‏ ورواه أيُّوب بن سويد هكذا عن الثوريِّ عن أيُّوب موصولا، وكذلك رواه مُعَمَّر بن سليمان عن زيد بن حِبَّان عن أيُّوب O‏.‏

2692- الحديث الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني عطاء الخراسانيُّ عن ابن عبَّاس أن خِذَاما أبا وديعة أنكح ابنته رجلاً، فأتت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاشتكت إليه أنها أنكحت وهي كارهة، فانتزعها النبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من زوجها، وقال‏:‏ ‏"‏لا تكرهوهن‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحد من أمِّة ‏"‏ الكتب السِّتَّة ‏"‏ من هذا الوجه، وهو منقطعٌ، فإنَّ عطاء الخراسانيَّ‏:‏ لم يدرك ابن عبَّاس، ولم يره‏.‏

قاله أبو داود‏.‏

وهذه المرأة التي زوَّجها أبوها هي‏:‏ خنساء بنت خِذَام، وقد روى البخاريُّ وغيره حديثها من غير هذا الوجه- وسيأتي- وفيه‏:‏ أنَّها كانت ثيِّبًا، وقد روى بعضهم عنها أنَّها قالت‏:‏ انكحني أبي وأنا بكرٌ‏.‏

والله أعلم O‏.‏

2693- الحديث الرابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت‏:‏ جاءت فتاةٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ أبي- ونعم الأب هو- زوَّجني ابن أخيه ليرفع من خَسِيسَتَه‏.‏

قالت‏:‏ فجعل الأمر إليها، فقالت‏:‏ إني قد أجزت ما صنع أبي، ولكنِّي أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيءٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن زياد بن أيُّوب عن عليِّ بن غراب عن كهمس، وعنده‏:‏ ‏(‏ليرفع بي خَسِيسَتَه‏)‏‏.‏

ورواه البيهقيُّ من رواية عبد الوهاب بن عطاء عن كهمس، وعنده‏:‏ ‏(‏ليرفع بها‏)‏، وقال‏:‏ وهذا مرسل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة، وإن صحَّ هذا الحديث فإنَّما جعل الأمر إليها لوضعها في غير كفو، والله أعلم O‏.‏

2694- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عليِّ بن إسماعيل الأبليُّ ثنا أحمد بن عبد الله بن سليمان الصنعانيُّ ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الملك الذماريُّ عن سفيان عن هشام صاحب الدستوائيِّ عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ردَّ نكاح بكرٍ وثيِّبٍ أنكحهما أبوهما وهما كارهتان، فردَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نكاحهما‏.‏

ز‏:‏ إسحاق بن إبراهيم هذا، هو‏:‏ ابن جوني الطبريُّ، الصنعانيُّ، وقد ضعَّفوه، وقد قال المؤلِّف فيما تقدَّم في السلم‏:‏ إنَّه مجهولٌ، ولم يصب في ذلك، وكذلك قال ابن حزمٍ، وقد ذكرنا كلام الأئمة عليه هناك بما فيه كفاية‏.‏

ولم يتفرَّد بهذا الحديث عن الذماريِّ، فقد رواه البيهقيُّ من رواية أبي سلمة المسلم بن محمَّد بن عمَّار الصنعانيِّ عن الذماريِّ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هذا وهمٌ، والصواب عن يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسلٌ، وَهِمَ فيه الذماريُّ على الثوريِّ، وليس بقويٍّ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ فهو في ‏"‏جامع الثوريِّ ‏"‏ عن الثوريِّ كما ذكره أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله مرسلا، وكذلك رواه عامَّة أصحابه عنه، وكذلك رواه الثوريُّ عن هشام O‏.‏

2695- الحديث السادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عمر بن محمَّد بن القاسم الأصبهانيُّ ثنا محمَّد بن أحمد بن راشد ثنا موسى بن عامرٍ ثنا الوليد قال‏:‏ قال ابن أبي ذئب‏:‏ أخبرني نافع عن ابن عمر أنَّ رجلاً زوَّج ابنته بكرًا، فكرهت ذلك، فردَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نكاحها‏.‏

وفي رواية أخرى عن ابن عمر قال‏:‏ كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتزع النساء من أزواجهن ثيبًا وأبكارا، بعد أن يزوِّجهن الآباء، إذا كرهوا ذلك‏.‏

ز‏:‏ رواه الهيثم بن كليب الشاشيُّ عن صاحب بن محمود عن عبد الرحمن ابن إبراهيم عن الوليد بن مسلم‏.‏

وقد سئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ يرويه صدقة بن عبد الله والوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مختصرا‏.‏

وخالفهم ابن أبي فديك، فرواه عن ابن أبي ذئب عن عمر بن حسين عن نافع عن ابن عمر بلفظ آخر، وبيَّن فيه أنَّ ابن أبي ذئب سمعه من نافع، وأتى به بطوله على الصواب، وكذلك رواه محمَّد بن إسحاق وعبد العزيز بن المطَّلب عن عمر، ومن قال فيه‏:‏ ‏(‏عمر بن علي بن حسين‏)‏ فقد وهم‏.‏

وقد رواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن نافع، والصحيح عن ابن إسحاق عن عمر بن حسين عن نافع‏.‏

وفي هذه الأحاديث بيان أنَّ التزويج كان من قدامة بن مظعون- أخي عثمان بن مظعون- لابنة عثمان- وهو عمُّها-، وهو أصحُّ من قول من قال‏:‏ زوَّجها أبوها، لأنَّ ابن عمر إنَّما تزوَّجها بعد وفاة أبيها عثمان بن مظعون، وهو خال ابن عمر O‏.‏

2696- الحديث السابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا ابن صاعد ثنا الحسن بن محمَّد الزعفرانيُّ ثنا الحكم بن موسى ثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعيِّ عن عطاء عن جابر أنَّ رجلاً زوَّج ابنته- وهي بكر- من غير أمرها، فأتت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففرَّق بينهما‏.‏

ز‏:‏ ذكر الأثرم لأبي عبد الله حديث شعيب هذا، فقال‏:‏ ثناه أبو المغيرة عن الأوزاعيِّ عن عطاء مرسلا، مثلُ هذا عن جابرٍ‏؟‏‏!‏ كالمنكر أن يكون‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ الصحيح مرسل، وقول شعيب وَهْمٌ‏.‏

وقال أبو عليٍّ الحافظ‏:‏ لم يسمعه الأوزاعيُّ من عطاء، والحديث في الأصل مرسل لعطاء، إنما رواه الثقات عن الأوزاعيِّ عن إبراهيم بن مرَّة عن عطاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا‏.‏

وقد روي من وجه آخر ضعيف عن أبي الزبير عن جابر، والله أعلم O‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا استئمار البكر فلتطييب قلبها‏.‏

وجمهور الأحاديث محمولٌ على أنَّه زوَّج من غير كفء، وقولها‏:‏ ‏(‏زوجني ابن أخيه‏)‏ يكون ابن عمِّها من الأمِّ‏.‏

على أنَّه قد قال الدَّارَقُطْنِيُّ حديث ابن عبَّاس وجابر وعائشة مراسيل، وابن بريدة لم يسمع من عائشة‏.‏

وقد أنكر أحمد حديث جابر‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ الصحيح أنَّه مرسلٌ عن عطاء أنَّ رجلاً، وقول شعيب وَهْمٌ‏.‏

قال‏:‏ وحديث الذَّماريِّ وهمٌ، وَهِمَ فيه النَّماريُّ على سفيان، والصواب عن عكرمة مرسلٌ‏.‏

قال‏:‏ وحديث ابن عمر لا يثبت عن ابن أبي ذئب، لم يسمعه من نافع، إنَّما سمعه من عمر بن حسين‏.‏

وقد سُئل عن هذا الحديث أحمد، فقال‏:‏ باطلٌ‏.‏

ا‏.‏ هـ‏.‏

ز‏:‏ في بعض ما ذكره المؤلِّف من الأجوبة نظرٌ، وقد تكلَّمنا على ما مضى من الأحاديث بأبسط مما ذكره، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏616‏)‏‏:‏ لا يملك الأب إجبار الثيِّب الصغيرة، في أحد الوجهين‏.‏

وفي الآخر‏:‏ يملك، كقول أبي حنيفة‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ الحديث المتقدِّم‏:‏ ‏"‏الثيِّب أحقُّ بنفسها من وليِّها‏"‏‏.‏

2697- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا إسحاق بن منصور أنا محمَّد بن يوسف ثنا الأوزاعيُّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تنكح الثيِّب حتى تستأمر‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلم عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن الأوزاعيِّ O‏.‏

2698- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ ثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية عن خنساء ابنة خِذَام أنَّ أباها زوَّجها وهي كارهة، وكانت ثيِّبًا فردَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نكاحه‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

2699- طريق آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الرزَّاق أنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني عطاء الخراسانيُّ عن ابن عبَّاس أن خِذَاما أبا وديعة أنكح ابنته رجلاً، فأتت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاشتكت إليه أنَّها أنكحت وهي كارهة، فانتزعها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من زوجها، وقال‏:‏ ‏"‏لا تكرهوهن‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فنكحت بعد ذلك أبا لبابة الأنصاريَّ، وكانت ثيِّبا‏.‏

ز‏:‏ تقدَّم هذا الحديث مختصرًا، وهو منقطعٌ O‏.‏

2700- طريق آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا محمَّد بن إسحاق عن الحجَّاج بن السائب بن أبي لبابة قال‏:‏ كانت بنت خِذَام عند رجل فأمَتْ منه، فزوَّجها أبوها رجلاً من بني عوف، وحَطَّت هي إلى أبي لبابة، فأبى أبوها إلا أن يلزمها العوفي، وأبت هي، حتى ارتفع شأنهما إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏هي أولى بأمرها فألحقها بهواها‏"‏‏.‏

فزوجت أبا لبابة، فولدت له أبا السائب‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏فولدت له أبا السائب‏)‏، والصواب‏:‏ ‏(‏فولدت له السائب‏)‏، وهو والد الحسين وحجَّاج‏.‏

وهذا الإسناد غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وهو منقطعٌ، وقد قيل فيه‏:‏ عن الحجَّاج عن أبيه‏.‏

قال البخاريُّ في ‏"‏ التاريخ ‏"‏‏:‏ حجَّاج بن السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاريُّ المدنيُّ عن أبيه عن جدَّته الخنساء بن خِذَام‏.‏

قاله محمَّد بن سعيدٍ أنا عبد الرحيم عن ابن إسحاق‏.‏

وذكره ابن أبي حاتمٍ نحو ما ذكره البخاريُّ، لم يزد، والله أعلم O‏.‏

2701- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزَّاق أنا معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس للوليِّ مع الثيِّب أمرٌ‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يسمعه صالحٌ من نافع، إنَّما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، قال النيسابوريُّ‏:‏ والذي عندي أَنَّ معمرًا أخطأ فيه‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن الحسن بن عليٍّ عن عبد الرزَّاق به‏.‏

ورواه النسائيُّ عن محمَّد بن رافع عن عبد الرزَّاق، وقال‏:‏ لعل صالح ابن كيسان سمعه من عبد الله بن الفضل‏.‏

ورواه عن أحمد بن سعيد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمَّد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل‏.‏

وقال ابن حِبَّان في ‏"‏ الأنواع ‏"‏‏:‏ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أنَّ هذا الخبر تفرَّد به عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم‏.‏

ثم ذكره من رواية صالحٍ عن نافعٍ، ولم يصنع شيئًا، فإنَّ صالحًا إنَّما سمعه من عبد الله بن الفضل، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏617‏)‏‏:‏ إذا ذهبت بكارتها بالزنا، زوِّجت تزويج الثيِّب‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ تزويج البكر‏.‏

لنا حديثان‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏الثيِّب أحقُّ بنفسها‏"‏‏.‏

وقد تقدَّم‏.‏

2702- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا إسحاق بن عيسى قال‏:‏ حدَّثني ليث بن سعدٍ قال‏:‏ حدَّثني عبد الله بن عبد الرحمن عن عديِّ بن عديٍّ الكنديِّ عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الثيِّب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن عيسى بن حمَّاد عن الليث عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين به‏.‏

ورواه يحيى بن أيُّوب المصريُّ عن ابن أبي حسينٍ عن عديِّ بن عديٍّ عن أبيه عن العرس- رجلٍ من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O‏.‏

مسألة ‏(‏618‏)‏‏:‏ لا يجوز لأحدٍ إنكاح الصغير والصغيرة اليتيمين‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يجوز ذلك للجدِّ وحده‏.‏

وعن أحمد‏:‏ يجوز لجميع العصبات، ويثبت لها الخيار إذا بلغت، وهو قول أبي حنيفة‏.‏

2703- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ قرىء على ابن صاعدٍ- وأنا أسمع-‏:‏ حدَّثكم عبيد الله بن سعيدٍ الزهريُّ ثنا عمِّي ثنا أبي عن ابن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني عمرُ بنُ حسينٍ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ قال‏:‏ توفِّي عثمان بن مظعون وترك بنتا له، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هي يتيمة، لا تنكح إلا باذنها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الإمام أحمد مطوَّلا عن يعقوب بن إبراهيم به O‏.‏

فإن قالوا‏:‏ المراد باليتيمة البالغة، إذ غير البالغة لا إذن لها‏.‏

2704- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيعٌ ثنا يونس بن أبي اسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا إسناد جيِّد، وقد رواه غير يونس‏:‏ 2705- قال أحمد‏:‏ ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه رفعه قال‏:‏ ‏"‏تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت فلا تزوَّج‏"‏‏.‏

وقد روى هذا الحديث أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة O‏.‏

قلنا‏:‏ إنَّما يشير بذلك إلى زمان جواز الإذن، وهو البلوغ، فسمَّاها يتيمةً بالاسم الذي كان لها‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّج أمامةَ بنتَ حمزة من عمر بن أبي سلمة وكانت صغيرةً، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنُ عمِّها‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّه إنَّما زوَّجها بولاية النبوة لا بالقرابة، بدليل أنَّ العبَّاس أقرب منه إليها، لأنَّه عمٌّ، ولا ولاية لابن العمِّ مع وجود العمِّ، والرجل المتزوِّج‏:‏ ‏(‏سلمة بن أبي سلمة‏)‏، لا عمر، فقد غلط من قال‏:‏ عمر‏.‏

مسألة ‏(‏619‏)‏‏:‏ تستفاد ولاية النكاح بالبنوة‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا تستفاد بالبنوة‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا بحديثين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن عمر بن أبي سلمة زوَّج أمَّه أمَّ سلمةَ برسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

والثاني‏:‏ أنَّ أنسَ بنَ مالكٍ زوَّج أمَّه أبا طلحة‏.‏

2706- أمَّا الأوَّل‏:‏ فرواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد ابن سلمة قال‏:‏ أنا ثابت قال‏:‏ حدَّثني ابنُ عمر بن أبي سلمة عن أبيه‏:‏ أنَّ أمَّ سلمة لما انقضت عدَّتُها من أبي سلمةَ بعث إليها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ مرحبًا برسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبرسولِه، أخبر رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنِّي امرأةٌ غَيْري، وأني مصبية، وأنَّه ليس أحدٌ من أوليائي شاهد‏.‏

فبعث إليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمَّا قولك‏:‏ إنِّي مصبية، فإنَّ الله سيكفيك صبيانك؛ وأمَّا قولك‏:‏ إنِّي غيري، فسأدعو الله أن يذهب غيرتَك؛ وأمَّا الأوَّلياء، فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضى بي‏"‏‏.‏

فقالت‏:‏ يا عمر، قم فزوِّج رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ هكذا روي لنا الحديث ‏(‏أنَّها قالت‏:‏ يا عمر قم‏)‏، وأصحابنا قد ذكروا أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏قم يا غلام، فزوِّج أمَّك‏"‏‏.‏

وما عرفنا هذا‏.‏

وفي هذا الحديث نظرٌ، لأنَّ عمر كان له من العمر يوم تزوَّجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث سنين، وكيف يقال له‏:‏ زوِّج‏؟‏‏!‏ وهذا لأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوَّجها في سنة أربع، ومات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولعمر تسع سنين، فعلى هذا يحمل قولها لعمر‏:‏ قم فزوِّج أن يكون على وجه المداعبة للصغير‏.‏

ولو صحَّ أن يكون الصغير قد زوَّجها فلأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يفتقر نكاحُه إلى وليٍّ، قال أبو الوفاء ابن عقيلٍ‏:‏ ظاهر كلام أحمد أنَّه يجوز أن يتزوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير وليٍّ لأنَّه مقطوعٌ بكفاءته‏.‏

2707- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا ابن أبي داود ثنا عمِّي ثنا ابن الأصبهانيِّ ثنا شَريك عن أبي هارون عن أبي سعيد قال‏:‏ لا نكاح إلا بوليٍّ وشهودٍ ومهرٍ إلا ما كان من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقد ذكر بعض أصحابنا عن أحمد أنَّه قال‏:‏ من يقول إن عمر كان صغيرًا‏؟‏‏!‏ وهذا إن ثبت عن أحمد فلعلَّه قاله قبل أن يعلم مقدار سنِّه، وقد ذكر مقدار سنِّه جماعةٌ من المؤرِّخين، منهم‏:‏ محمَّد بن سعدٍ في ‏"‏ الطبقات‏"‏‏.‏

وقد اعتذر الخصم عن تزويج عمر أمَّه، قالوا‏:‏ إنَّما زوَّجها لكونه ابن عمِّها، فإنَّ أمَّ سلمة هندُ بنتُ أبي أميَّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وابنها عمرُ بنُ عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم‏.‏

قال أصحابنا‏:‏ فقد كان لها من هو أولى من عمِّها فكيف ابن عمها‏؟‏‏!‏ وهو عبد الله بن أبي أميَّة أخوها‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ ذاك كان كافرًا يومئذٍ ولم يسلم بعد‏.‏

ز‏:‏ حديث أمِّ سلمة هذا‏:‏ رواه النسائيُّ عن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد بن هارون عن حمَّاد بن سلمة به، وعنده‏:‏ فقالت لابنها‏:‏ يا عمر، قم فزوِّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فزوَّجه‏.‏

وكذلك رواه أبو يعلى الموصليُّ عن إبراهيم بن الحجَّاج عن حمَّاد‏.‏

ورواه الحاكم، وقال‏:‏ على شرط مسلمٍ‏.‏

وليس كما قال، وابن عمر بن أبي سلمة ليس بالمشهور، لكن رواية ثابت عنه ممَّا يقوِّي أمره، وقد جاء في روايةٍ ضعيفةٍ تسميتُه محمَّدًا‏.‏

2708- وقال أبو يعلى‏:‏ ثنا هدبة بن خالد ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابتٍ قال‏:‏ حدَّثني ابن أمِّ سلمة‏.‏

فذكر الحديث، وفيه‏:‏ فقالت لابنها‏:‏ زوِّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فزوَّجه‏.‏

وقول المؤلِّف‏:‏ ‏(‏أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مات ولعمر تسع سنين‏)‏ بعيدٌ، وإن كان قد قاله أبو نصر الكلاباذيُّ وغير واحد، فإنَّ ابن عبد البر قال‏:‏ إنَّه ولد في السنة الثانية من الهجرة إلى الحبشة‏.‏

وقال الأثرم‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ فحديث عمر بن أبي سلمة حين زوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَّه أمَّ سلمة، أليس كان صغيرًا‏؟‏ قال‏:‏ ومن يقول كان صغيرًا‏؟‏‏!‏ ليس فيه بيان‏.‏

ومما يقوِّي هذا ما رواه مسلم في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن عمر بن أبي سلمة أنَّه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أيقبِّل الصائم‏؟‏ فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏سل هذه ‏"‏ لأمِّ سلمة، فأخبرتْه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع ذلك، فقال‏:‏ يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر‏؟‏ فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أما والله، إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له‏"‏‏.‏

وظاهر هذا أنَّ عمر كان كبيرًا‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنَّ عمر المقول له زوِّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو عمر بن الخطَّاب‏.‏

والمعنى‏:‏ أنها رضيت، وأجابت إلى أن يتزوَّج بها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمزوِّج لها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنُها سلمة بن أبي سلمة‏.‏

2709- قال سعيد بن يحيى الأمويُّ‏:‏ حدَّثني أبي ثنا محمَّد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيحٍ، وعن أبان بن صالحٍ عن عطاء بن أبي رباحٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبَّاس أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوَّج ميمونةَ بنتَ الحارث وهو حرامٌ، وأقام بمكة ثلاثا‏.‏

فذكر الحديث إلى أن قال‏:‏ وقد جاءتْه بنتُ حمزةَ بنِ عبد الطلب وكانت مع خالتها- بمكَّة- أسماءَ بنتِ عميسٍ ليخرجها معه، فاختصم فيها عليٌّ وزيدٌ وجعفرٌ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخى بين زيدٍ وحمزةَ، فقضى بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجعفرٍ لمكان خالتِها أسماءَ بنتِ عميسٍ، وزوَّجها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلمةَ بنَ أبي سلمةَ، فماتَا قبل أن يجتمعَا، فكان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏هل حزنت سلمة‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

وهو كان زوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَّه‏.‏

كذا فيه‏:‏ ‏(‏عن مجاهدٍ‏)‏، والصواب‏:‏ ‏(‏ومجاهدٍ‏)‏‏.‏

2710- قال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو جعفرٍ الرزاز ثنا أحمدُ بنُ الخليل ثنا الواقديُّ‏؟‏ ثنا عمر بن عثمان المخزوميُّ عن سلمة بن عبد الله بن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب أمَّ سلمةَ‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏"‏مري ابنك أن يزوِّجك‏"‏‏.‏

أو قال‏:‏ ‏"‏زوَّجها ابنها‏"‏، وهو يومئذٍ صغير لم يبلغ‏.‏

الواقديُّ غير محتجٍّ به، والله أعلم O‏.‏

2711- الحديث الثاني‏:‏ عن أنسٍ رضي الله عنه، أخبرنا محمَّد بن عبد الباقي بن سليمان أنا حمد بن أحمد ثنا أبو نعيمٍ أحمد بن عبد الله ثنا محمَّد بن عليٍّ ثنا الحسين بن محمَّدٍ الحرَّانيُّ ثنا أحمد بن سنانٍ ثنا يزيد بن هارون أنا حمَّادٌ عن ثابتٍ عن أنسٍ أنَّ أبا طلحةَ خطب أمَّ سليمٍ، فقالت‏:‏ يا أبا طلحة، ألست تعلم أنَّ إلهك الذي تعبد خشبةٌ تنبتُ من الأرضِ نجرها حبشيُّ بني فلان‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ بلى‏.‏

قالت‏:‏ أفلا تستحي أن تعبد خشبةَ من نباتِ الأرض نجرها حبشيُّ بني فلانٍ‏؟‏‏!‏ إن أنت أسلمت لم أرد منك من الصداق غيره‏.‏

قال‏:‏ حتى أنظر في أمري، فذهب، ثم جاء فقال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله‏.‏

قالت‏:‏ يا أنس، زوِّج أبا طلحة‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وهذا أيضًا فيه نظرٌ، لأنَّه لا خلاف أنَّ أبا طلحةَ شهد العقبة مسلمًا، والعقبةُ قبل الهجرةِ، وقدم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنس بن مالك ابن عشرٍ، فإن كان زوَّج أمَّه فقد زوَّجها وهو ابن سبعٍ أو ثمانٍ، ومثل هذا ليس بوليٍّ، ثم قد كان هذا قبل تقرير الأحكام‏.‏

ز‏:‏ قال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عليُّ بن حمشاذ العدل ثنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم وحجَّاج بن منهالٍ قالا‏:‏ ثنا حمَّاد بن سلمة عن ثابتٍ وإسماعيل بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنسٍ أنَّ أبا طلحةَ خطب أمَّ سليمٍ‏.‏

فذكره بنحو ما تقدَّم‏.‏

وإسماعيل‏:‏ ثقةٌ، وهو أخو إسحاق‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ هذا الحديث على شرط مسلمٍ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ أنس بن مالك ابنها وعَصَبَتُها، فإنَّه أنس بن مالكِ بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرامٍ، من بني عَدِيِّ بن النجار؛ وأمُّ سليم هي‏:‏ ابنة ملحان بن خالدٍ بن يزيد بن حرامٍ، من بني عَدِيِّ بن النجار‏.‏

واعلم أنَّ هذا الحديث- وإن كان إسناده صحيحًا- إلا أنَّ قوله‏:‏ ‏(‏قالت‏:‏ يا أنس، زوِّج أبا طلحة‏)‏ شاذٌ منكرٌ، وقد روى النسائيُّ وغيره هذا الحديث من رواية جعفر بن سليمان عن ثابتٍ عن أنسٍ، وليس فيه أنَّ أنسًا كان وليًّا، وهو الصحيح O‏.‏

مسألة ‏(‏620‏)‏‏:‏ يصحُّ إذن بنتِ تسعِ سنين في النكاح، خلافًا لأكثرهم‏.‏

2712- أنبأنا أحمدُ بن الحسن بن البنا قال‏:‏ أنبأنا أبو يعلى محمَّدُ بن الحسين الفقيه قال‏:‏ أخبرني أخي أبو خازم قال‏:‏ قرىء على أبي الحسن عليُّ بنُ أحمد بنُ محمَّدٍ بنُ داود الرزاز- وأنا أسمع- قال‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عبد الله الشافعيُّ ثنا محمَّد بن إسماعيل السلميُّ ثنا عبد الملك بن مهران الرِّقاعيُّ ثنا سهل ابن أسلم العدويُّ قال‏:‏ حدَّثني محمَّد بن قرَّة اليزنيُّ قال‏:‏ سمعت ابن عمر يقول‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا أتى على الجارية تسع سنين فهي امرأةٌ‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ في إسناده مجاهيل، منهم‏:‏ عبد الملك، قال أبو أحمد بن عديٍّ‏:‏ هو مجهولٌ غير معروفٍ‏.‏

ز‏:‏ عبد الملك هذا، هو‏:‏ أبو هاشم الرِّقاعيُّ- بالقاف-، يروي أحاديث منكرة، ولم يدركه محمَّد بن إسماعيل السلميُّ، بل قد سقط بينهما شيءٌ‏.‏

ولهم أبو هشام محمَّد بن يزيد الرفاعيُّ- بالفاء-‏.‏

والمشهور ما ذكره البخاريُّ عن عائشة أنَّها قالت‏:‏ إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة‏.‏

ورواه الإمام أحمد بإسناده عنها O‏.‏

2713- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن محمَّد المصريُّ ثنا إسماعيل بن محمود النيسابوريُّ قال‏:‏ حدَّثني عمير بن المتوكل قال‏:‏ حدَّثني أحمد بن موسى الضَّبيُّ قال‏:‏ حدَّثني عبَّاد بن عبَّاد المهلّبيُّ قال‏:‏ أدركت فينا- يعني المهالبة- امرأةً صارت جدَّةً وهي بنت ثمان عشرة سنة، ولدت لتسع سنين ابنةً، فولدت ابنتُها لتسع سنين ابنةً، فصارت هي جدَّةٌ وهي ابنة ثمان عشرة سنة‏.‏

ز‏:‏ قال ابن عديٍّ‏:‏ ثنا أحمد بن عليٍّ المدائنيُّ ثنا يحيى بن عثمان ثنا بكر ابن سعيد أبو سعيد الأحدب الخولانيُّ حدَّثني ابن وهبٍ حدَّثني الليث حدَّثني كاتبي عبد الله بن صالح أنَّ امرأةً في جوارهم حملت وهي بنت تسع سنين O‏.‏